بوحبيني وبيرام.. درس خاص، ومواجهة تعيد الثقة في إمكانية التفاهم الوطني

بواسطة عبد الله علي

في خضم التحضيرات الجارية لحوار وطني مرتقب، يأتي لقاء الحقوقيين البارزين إن لم نقل السياسيين المخضرمين، أحمد سالم ولد بوحبيني الرئيس السابق للجنة حقوق الإنسان ،والنقيب الأسبق للمحامين الموريتانيين، والنائب البرلماني والزعيم بيرام الداه أعبيد.

هذا اللقاء يمكن القول أنه جاء ليبعث برسالة قوية إلى الرأي العام مفادها أن الحوار، مهما كانت الاختلافات، يظل السبيل الأمثل لتقوية اللحمة الوطنية وترسيخ المسار الديمقراطي.

اللقاء، الذي جرى في منزل السياسي الحسن ولد الطالب صاحب مبادرة اللقاء "التصالحي" لا شك أنه لقاء جمع شخصيتين وازنتين لطالما تميزتا باختلاف المواقف وتباين الرؤى، سواء على المستوى الداخلي وما حادثة "دكار " منا ببعيدة ،  أو في المحافل الدولية، من خلال قضايا حقوق الانسان، ورغم ما شهدته الساحة السياسية من مساجلات حادة وتراشق إعلامي في الآونة الأخيرة، استطاع الرجلان تجاوز تلك العقبات والجلوس إلى طاولة النقاش بكل احترام وتقدير متبادل.

لقاء الرجلين الأخير لم يكن مجرد لحظة عابرة، بل شكّل درسًا نادرًا في فن إدارة الخلاف، ورسالة إلى كافة الفرقاء السياسيين بأن الاحترام لا يتناقض مع المواقف المبدئية، وأن النضال يمكن أن يواكبه انفتاح على الرأي الآخر، وأن الاختلاف لا يفسد للود قضية.

نعم، لقد أبان هذا النموذج عن أهمية النضج السياسي والحنكة في التعامل مع الاختلاف، وأعاد الاعتبار لقيم التفاهم الوطني والتعايش السلمي، في وقت تتعالى فيه الأصوات الداعية إلى إشراك الجميع في بناء مستقبل مشترك، فحين تتوفر الإرادة الصادقة والعقول الراجحة، يصبح الحوار ليس فقط ممكناً، بل ضرورة وطنية ملحّة.

لقاء بيرام وبوحبيني يمثل بارقة أمل بأن الساحة السياسية قادرة على إنتاج مبادرات مسؤولة، وأن التباين مهما اشتد لا ينبغي أن يكون مبرراً للقطيعة، بل محفزاً للبحث عن أرضية مشتركة تخدم استقرار البلاد وتطورها.

أخيرا،  من الممكن القول أن اللقاء يمكن الاستئناس به كبادرة لتقارب رؤى الفرقاء في البلد، إلا إذا كان نموذج بيرام وبوحبيني  لا يمكن أن يتكرر، أو أن مستوى النضج السياسي لديهما فريد.

بقلم الصحفي: مصطفى سيديا