جريدة الإعلام : استقبال بلا جمهور.. كيف وأد الأمن فرحة أنصار بيرام؟

بواسطة وكالة الإعلام …

في مشهد يعكس حجم التوتر الكامن بين السلطة والمعارضة في موريتانيا، منعت السلطات الأمنية مطلع هذا الأسبوع تجمهر عدد من أنصار النائب البرلماني والمرشح الرئاسي السابق بيرام الداه اعبيد، الذين كانوا يستعدون لاستقباله في محيط مطار نواكشوط الدولي “أم التونسي”، بعد عودته من جولة خارجية شملت الولايات المتحدة وعددًا من الدول الأوروبية.

تفاصيل الحادثة:

تجمّع العشرات من أنصار ولد اعبيد على مداخل المطار وأطرافه، في انتظار وصول زعيمهم، غير أن وحدات من الشرطة طوّقت المكان ومنعت التجمهر بذريعة الحفاظ على الأمن والنظام العام.
بيرام، في تصريح صحفي أعقب وصوله، وصف ما جرى بأنه “مضايقة مرفوضة، وخلق متعمّد للفوضى من قبل عناصر الشرطة”.
وقال النائب إن مناصريه “لم يأتوا لتنظيم مسيرة أو عرقلة السير، بل لاستقباله ومرافقته إلى منزله، وهو حق طبيعي لأي مواطن”، وفق تعبيره.


جولة بيرام في اروبا خارج الوطن وخطاب العودة

كان بيرام الداه اعبيد قد أجرى خلال جولته الخارجية لقاءات مع الجاليات الموريتانية في المهجر، واستعرض أمامهم واقع البلد كما يراه: تفشي الظلم، غياب العدالة الاجتماعية، وانعدام الأمل لدى كثير من الشباب، ما دفع آلافًا للهجرة بحثًا عن فرص أفضل.

وفي كلمته بعد عودته، قال بيرام: “استمعت لقصص تتفق في الأسباب والنهايات، وإن اختلفت في التفاصيل. كلّها تشير إلى وطن هجَرَ أبناءه حين غابت العدالة وحلّ الظلم.”

هل من حق انصار بيرام أن يستقبلوه ؟

تطرح هذه الحادثة مجددًا جدلية قائمة في موريتانيا:
    •    إلى أي مدى يُحترم حق المواطنين في التجمع السلمي واستقبال الشخصيات العامة؟
    •    وما حدود تدخل السلطة لضمان الأمن دون المساس بالحريات الأساسية؟

بينما ترى الجهات الأمنية أن الإجراءات تدخل في صميم واجبها في ضبط النظام، يعتبر مراقبون أن منع استقبال النائب في محيط المطار يُعبّر عن تضييق متكرر على المعارضة، خاصة حين يتعلق الأمر بشخصيات ذات حضور جماهيري واسع.


الحادثة وعلاقتها بالحوار

    •    الحادثة تأتي في وقت حساس، مع حديث مستمر عن الحوار الوطني الشامل، ما يطرح التساؤل حول مدى جدية السلطة في تهيئة المناخ المناسب لذلك الحوار.
    •    تعكس الواقعة حالة احتقان غير معلنة في العلاقة بين الدولة والمعارضة الجذرية، رغم شعارات التهدئة والانفتاح.
    •    تُسلّط الضوء على الحاجة الملحّة لوضع ضوابط واضحة ومعلنة للتجمعات العامة، بما يضمن الحق في التعبير ويصون الأمن العام في آنٍ واحد.

تبقى واقعة منع استقبال النائب بيرام الداه اعبيد إشارة جديدة إلى هشاشة التوازن بين ضرورات الأمن ومتطلبات الحريات العامة في موريتانيا. فحين يُمنع المواطنون من استقبال ممثلهم البرلماني، فإن الأسئلة تظل مفتوحة حول حدود المسموح والممنوع، وحول مدى صدقية الشعارات المرفوعة بشأن الديمقراطية والانفتاح.

محمد صالح محمد الامين

 

جريدة االإعلام العدد 241 الصادر اليوم الثلاثاء 17/06/2025