اسبوعية جريدة الإعلام : غياب العفو الرئاسي في عيد الاستقلال.. تحوّل في نهج السلطة أم ظرف استثنائي؟

بواسطة أبوه مولاي ادريس

خلافًا لما دأبت عليه رئاسة الجمهورية في السنوات الماضية، غاب العفو الرئاسي عن السجناء هذا العام بمناسبة الذكرى الـ65 للاستقلال الوطني، وهو ما أثار تساؤلات في الأوساط الحقوقية والإعلامية حول دلالات هذا الغياب ومدى ارتباطه بتحولات في سياسة الدولة تجاه ملفات العدالة والعقوبة.

سقوط تقليد رمزي

لعقود، مثّل العفو الرئاسي أحد الطقوس السياسية الرمزية التي ترافق المناسبات الوطنية، خصوصًا ذكرى الاستقلال، حيث اعتادت السلطات إصدار مراسيم بالعفو أو تخفيض العقوبة عن عشرات السجناء، بناء على المادة 37 من الدستور.  
وكان آخر هذه الإجراءات ما صدر في نوفمبر 2024، حين استفاد 110 سجناء من قرارات بالعفو أو تقليص مدة العقوبة.

قواعد العفو.. والقيود المعهودة

عادة ما كانت قرارات العفو تستثني الجرائم الخطيرة، بما فيها الإرهـ.ـاب، القـ.ـتل العمد، الاغتـ.ـصاب، تهـ.ـريب المخـ.ـدرات، الممارسات الاستعـ.ـبادية، والجرائم الاقتصادية الكبرى مثل اختلاس المال العام. كما كانت تُقصي تلقائيًا كل من سبق له الاستفادة من العفو خلال الخمس سنوات الأخيرة.

غياب العفو.. مؤشرات ورسائل

في ظل هذا السياق، يثير غياب العفو لهذا العام عدة تأويلات:

- تشديد في نهج مكافحة الجريمة: قد يكون القرار رسالة واضحة بتعزيز الجدية في محاربة الجريمة ورفض أي مظهر من مظاهر التساهل، خاصة في ظل تصاعد المطالب الشعبية بضمان الأمن والانضباط.

- الابتعاد عن الشعبوية الرمزية: ترى بعض التحليلات أن الدولة قد تكون بصدد مراجعة أدواتها الرمزية، واستبدال إجراءات العفو بمقاربة أكثر مؤسسية تقوم على إصلاح العدالة بدل ترميمها بالمجاملات الموسمية.

- الظرف السياسي والأمني: تزامن ذكرى الاستقلال مع حالة احتقان سياسي نسبي وتوترات اجتماعية في بعض الملفات قد يكون أحد دوافع تجنب إصدار عفو، تفاديًا لأي تأويل أو استغلال سياسي للقرار.

ردود الفعل.. تساؤلات بلا إجابات

لم تصدر توضيحات رسمية من رئاسة الجمهورية بشأن غياب العفو، ما ترك الباب مفتوحًا أمام التكهنات. وفي حين طالب البعض بتفسير رسمي، رأى آخرون أن القرار يقع ضمن صلاحيات تقديرية للرئيس ولا يُلزم القانون السلطة التنفيذية بإصدار عفو كل عام.

خلاصة

غياب العفو الرئاسي هذا العام ليس مجرد حدث إداري، بل تحوّل في سلوك سياسي يستحق التوقف، خاصة أنه يمس رمزية الدولة وتعاملها مع مفهومي العقوبة والتسامح.  
وفي انتظار توضيحات أو توجه جديد، يبقى السؤال مفتوحًا: هل نحن أمام تشدد ظرفي أم نهج جديد في تسيير ملف العدالة؟

 

اسبوعية جريدة الإعلام، العدد 265 الصادر اليوم الاثنين 1 ديسمبر 2025